بحث عن سوسة النخيل الحمراء على النخيل

بحث عن سوسة النخيل الحمراء على النخيل 



سوسة النخيل الهندية الحمراء وتحديث طرق مكافحة الآفة
الدكتور محفوظ محمد مصطفى عبد الجواد 


حبا الله الإنسان بمنن طبيعية ومن بينها ما اتخذه الإنسان غذاء ودواء وسكنا الا وهي النخيل من ثمارها الغذاء والدواء ومن أغصانها وجذوعها السكن والأثاث وفي ظلها الوارف الهدوء والراحة , لكن هذا الكائن الحي نهبة للكثير من العلل أبرزها سوسة النخيل التي اقتحمت العديد من الدول العربية في السنوات الحديثة فقد سجلت لأول مرة في دولة الامارات العربية المتحدة في 1985م (1405هجري) وذلك بإمارة رأس الخيمة وفي المملكة العربية السعودية في 1987م(1407هجري) بالقطيف وفي مصر في 1992م(1412هجري) بمحافظتي الشرقية والاسماعيلية .

وما كان العلماء ليأبهوا بهذا التسجيل لولا ما تلحقه هذه الآفة الحشرية بثروة النخيل من ضرر بالغ يتهدد وجودها ويتحداه , ويكفي القارىء الكريم أن يقف على ما لهذه الحشرة من خواص تمكنها من إحداث التدمير الشامل لما تصيب من نخيل فهي قادرة على إفراغ قلب النخلة من صلابته وتجفيف عصارة الحياة به وهي واسعة الإنتشار سريعة الى تأكيد وجودها على عوائلها بسبب طيرانها , وهكذا يتم إجهاض الجهد المتصل في زراعة النخيل وتعهده بالرعاية لسنوات في أسابيع معدودات .

وفضلا عن قدرتها على الطيران فإنها تتمتع بخصوبة عالية تجعل من هذا الخطر الداهم شرا ماحقا لا سبيل إلى مقاومته اذا لم نخف لذلك في أسرع وقت ممكن بإيجاد حلول تفوقه وتتغلب على تكاثره وطيرانه دون أن تعقب أثرا الله أعلم بمداه , وهكذا يتأكد أن مكافحتها مهمة أبعد ما تكون عن اليسر أو السهولة اذ تتطلب بحثا دائبا يكشف عن هذا العدو و يتوفر على نقاط ضعفه وقوته ليطور من خلال ذلك العلاج الناجع الذي يستغل نقاط ضعفها فيزيدها ويتعامل مع نقاط قوتها فيحيدها أو يحيلها الى ضعف إن أمكن وهذا البحث يلزمه الدعم العلمي والمادي .

دورة الحياة 

تتبع سوسة النخيل الهندية الحمراء( ferrugineus Fabr.  Rhynchophorus) رتبة الحشرات غمدية الأجنحة (Coleoptera) فصيلة السوس (Curculionidae) التي تتضمن أنواعا عديدة من السوس . يبلغ طول الحشرة الكاملة  4-2.5سم لونها بني محمر ويوجد عدد من النقاط السوداء على ظهر الحلقة الصدرية (Thorax) وللحشرة خرطوم طويل أكثر طولا في الأنثى عن الذكر , كما يتميز خرطوم الذكر بوجود مجموعة من الزغب على سطحه العلوي , وينتهي قرنا الإستشعار بشكل قمع , وتتزاوج الحشرة – عدة مرات غالبا – ثم تضع بيضها فرادى في مواطن الضعف بالنخلة كالثقوب والجروح وتضع الأنثى الواحدة من 200 الى 500 بيضه وهو بيضاوي الشكل لونه أبيض سمني وطول البيضة حوالي 2 ملم (تادرس 1993) ويفقس البيض بعد حوالي 6-2 أيام تبعا للظروف الجوية السائدة بالمنطقة عن يرقات صغيرة عديمة الأرجل لونها أبيض مصفر , وهي أخطر اطوار الحشرة , حيث تتغذى بشراهة بأجزاء فمها القارضة على الجذع حيث يمكن الإستماع الى صوت تغذيتها داخل النخلة محدثة أنفاقا في النخلة وفي نفس الوقت تدفع الألياف الى الخارج مغلفة فتحة الدخول , ويبلغ طول اليرقة عند إكتمال نموها حوالي 5.5-3.5 سم وقطرها 2.2-1.8 سم ولها رأس بني يحمل فكوكا قابضة قوية جدا مما يجعلها قادرة على قرض وإختراق خشب النخيل .



ولليرقة 13 حلقة , لون الحلقتين المجاورتين للرأس بني فاتح والحلقة الاخيرة مسطحة لها أطراف بنية خشنة , وفترة حياتها تتراوح بين 78-36 يوم , وفي بيئة المملكة العربية السعودية 60-40 يوما (وزارة الزراعة والمياه 1993) حيث تنسلخ خلالها اليرقة أربع مرات ولها خمسة أعمار , وتنتقل اليرقة بعد ذلك الى مرحلة الخادرة (العذراء) وهي مكبلة داخل شرنقة تصنعها اليرقة من الياف النخلة , ويستمر طور العذراء لفترة تتراوح بين 20-12 يوما , ثم تخرج الحشرة الكاملة من الشرنقة ويتراوح عمرها من 113-76 يوما (ابراهيم وخليف 1993) وهكذا يتم تكاثر الحشرة في دورة تكاثر أبدية لا نهائية ما لم يصبها ما يفتك بها أو يحد من أثرها .

وما تقدم من بيان حول دورة الحياة ينسحب عليه قيد مهم هو أنها قابلة للزيادة والنقصان في زمن , وناتج هذه الدورة تبعا للظروف البيئية التي تعيش فيها هذه الحشرة من حرارة ورطوبة وغذاء وطرق مكافحة وغيرها , فدرجة الحرارة أربعون درجة مئوية فما فوقها تقتل البيضة فلا تفقس , على حين يذكر بعض المتخصصين أن هذه الحشرة تستطيع أن تنتج من الناحية النظرية الاحصائية حوالي 52 مليون يرقة خلال أربعة أجيال فقط في حياة الأسر وفي غياب طرق المكافحة , عموما فللحشرة أكثر من جيل واحد في العام .

مظاهر الإصابة والضرر 

في المراحل الاولى للإصابة تقل إنتاجية النخلة ثم يذبل رأسها وتصفر ثم تجف الأوراق , وتميل النخلة المصابة الى الإنحناء نتيجة التهام اليرقات لأنسجة النخيل الحية الطرية وصنعها أنفاقا في قلب النخلة وبذلك يتحول ساق النخلة في النهاية الى أنبوبة مملؤة بالأنسجة المتحللة ونفايات اليرقات وتصبح ذات رائحة كريهة مميزة نتيجة الإفرازات والتخمرات الحادثة بتلك الانسجة المتحللة ويصبح ساق النخلة سهل الكسر إذا تعرض لرياح قوية أو أي مؤثر خارجي آخر , كما يسهل فصل الخلف من النخلة الأم وعندها تلاحظ فجوات بها الاطوار المختلفة للحشرة ويسهل نزع قواعد الاوراق الموجودة على ساق النخلة حيث توجد في نهايتها شرانق العذارى كما توجد الحشرات الكاملة مختبئة في التجويف بين قاعدة الورقة والساق وفي النهاية تذبل القمة النامية (الجمارة) ثم تموت النخلة . أما اذا حدثت الاصابة في الجمارة فان النخلة تموت سريعا .

وليت الأمر يقتصر على إصابة الحشرة لنخلة واحدة بل إن الحشرات تتميز بالطيران, وهي حين تمارس رياضة الطيران تصيب مالا حصر له من النخيل في منطقة الإصابة حتى تتحول بساتين النخيل الى منطقة موبؤة . ورغم أن حكومات الدول التي بها بساتين نخيل مصابة تعمل على كل صعيد لاجتثاث هذا الداء فإن وجود الإصابة ولو بنسبة قليلة في عدد النخيل أو البساتين كفيل باستعادتها السيطرة على نخيل المزرعة ما لم يتم القضاء عليها نهائيا , فقد بدأ مثلا ظهور الاصابة في المنطقة الوسطى بالامارات في ثلاثة عشر بستانا عام 1990 وارتفع الرقم الى عشرة أمثاله تقريبا في العام التالي , وكان الانخفاض طفيفا لا يكاد يذكر في عام 1992 إذ انخفض الرقم من 118 الى 114 بستان وكان انخفاضه الى النصف أو يزيد قليلا في عام 1993 مع تظافر كل الجهود وحشدها , وهذا يعني صعوبة القضاء على الخطر وانه رغم تكثيف الجهود في المقاومة لا يزال التباين شاسعا بين عدد البساتين التي بدأ ظهور الاصابة بها وبين عدد البساتين التي لا تزال مصابة في رابع عام لمقاومتها (55 بستانا) وهو رقم يزيد قليلا عن أربعة أضعاف الرقم الاول في 1990 , كما يعني هذا أن خطر الإنتشار داخليا في البستان المصاب وخارجيا من البستان مصاب الى آخر غير مصاب وشبح الدمار الذي يتهدد ثروة النخيل قاطبة ما يزال ماثلا في الافق لا يزيله الا تحجيم انتشارها بحيث تصبح غير قادرة على اصابة النخيل على هذا النحو . أن أعداد النخيل المصاب بالسوسة في المنطقة الشمالية من دولة الامارات في ازدياد مستمر , فهو في عام 1991 يزيد بمقدار 42% على نظيره في عام 1990 , ويظل مؤشر الازدياد الفعلي في اعداد النخيل المصاب في 1992 يشير الى زيادة قدرها 82% تقريبا كما ارتفعت نسب النخيل المصاب الى السليم خلال هذه السنوات على التوالي .
ولهذا الآفة القدرة على مهاجمة كل انواع النخيل المعروفة وتتركز إصابتها في منطقتنا العربية بدولة الخليج ومصر على إصابة نخيل التمر وكذلك الفحول , بيد أنها قد تصيب أيضا نخيل الزيت , والنرجيل , ونخيل الزينة ...الخ في مناطق إنتشارها الاساسية بدول شرق آسيا عامة , فتتحول المناطق المصابة الى بساتين خشب نخيلها قد هرم وبلى وإصبح لا يصلح لشىء وثمرها على فرض تواجده قليل . 

طرق المكافحة التقليدية لسوسة النخيل 

نظرا للصعوية الواضحة في مكافحة هذه الحشرة بسبب ارتفاع خصوبتها وقدرتها على الطيران لمسافة طويلة , وحيث أن المظهر الخارجي للنخلة المصابة لا يتيح بسهولة فرصة تشخيص الاصابة في مراحلها الأولى , فان هناك عدة طرق تتضافر في تطبيقها لمكافحة هذه الآفة , وأولها طريقة المكافحة التشريعية وتهتم بأنظمة الحجر الزراعي ومن أمثلتها صدور قرار معالي وزير الزراعة والثروة السمكية بدولة الامارات رقم (39) لعام 1991 بشأن حظر استيراد النخيل وفسائله من أي جهة يسجل بها الإصابة بسوسة النخيل , وكذلك صدور النشرات الارشادية في مصر والسعودية والامارات وغيرها التي تدعو المزارعين لعدم نقل أو شراء أية فسائل نخيل من المناطق التي ظهرت بها الاصابة بسوسة النخيل , بل بدعوة المواطنين للمبادرة بأبلاغ مديريات أو فروع وزارة الزراعة بالمملكة العربية السعودية أو دوريات الشرطة عند مشاهدة أشجار وفسائل نخيل معروضة للبيع وغير مرخصة وغير مصحوبة بشهادة منشأ داخلية .

وثانيها مكافحة الاصابات المهيئة لمهاجمة سوسة النخيل حيث تضع بيضها عادة في الثقوب والفتحات التي تحدثها كائنات أخرى بالنخلة مثل حفار الساق , وحفار العذوق والفئران التي تصيب جذوع النخيل وبالتالي ينبغي مكافحة الحفارات والقوارض لتضييق الخناق على أماكن وضع بيض السوسة .

وثالثها طرق المكافحة الميكانيكية , وتشمل إزالة النخيل المصاب بشدة وتقطيعه وحرقه تماما مع الحرص في ذلك حتى لا تهرب الحشرات الكاملة بالطيران , والتخلص أيضا من جذوع النخيل غير المرغوبة سواء القائمة أو الملقاه على الأرض والتي تعمل كمأوى للسوسة , والترديم حول جذع النخلة بعد إزالة الفسائل وسد أي فتحات أو ثقوب بجذع النخلة كتلك الناتجة عن ازالة الرواكيب وذلك بالاسمنت , واستخدام المصائد الجاذبة الغذائية عن طريق إعداد خلطة متخمرة من ساق قصب السكر وقطع من جذع نخلة , ودبس قصب السكر والخميرة والماء والخل ووضعها في صفائح (سطول) أو داخل قطعة من جذع نخيل بطول 50 سم , وتفحص المصائد دوريا لقتل الحشرات المنجذبة .

ورابعها المكافحة الكيميائية وتشمل استعمال المبيدات إما وقائيا أو علاجيا , فللوقاية يتم رش أحد المبيدات السائلة المستحلبة مع اضافة مادة ناشرة لاصقة واستخدام نوع من البشابير المعدلة طولها 3.5 م لضمان وصول المبيد لمنطقة التاج وقواعد السعف (الكرب) والليف وهي أماكن تواجد الحشرات الكاملة , أو بالتعفير بأحد المبيدات المسحوقية غير القابلة للبلل خلطا بالرمل بنسبة 1:1 ويوضع المخلوط في منطقة التاج وقواعد السعف , وتتم هذه المكافحة الوقائية في المزارع المصابة والمحيطة بها لتجنب استفحال الإصابة في كليهما . أما المكافحة العلاجية فيتم فيها الحقن بالمبيدات السائلة المخففة بالماء بمعدل 4:1 عن طريق تثبيت أربع مواسير المنيوم (قطر 16 ملم وطول 15-20سم) بواسطة مسامير على شكل قوس حول وأعلى مكان الاصابة بحوالي 10سم ويصب فيها المبيد المخفف , كما يتم التبخير بوضع الاقراص الكيماوية في حالة وجود فجوات بالنخيل أو بعمل حفرة فوق مكان الاصابة ويوضع 1-2 قرص ويغلق عليه بالاسمنت والجبس جيدا .

وتوجد بعض الاختلافات في المبيدات المستخدمة من بلد لآخر , حيث يستخدم مبيد المارشال 25% مستحلب في الرش عادة وكذلك اقراص الفوستوكسين في التبخير في دولة الامارات , أما في المملكة العربية السعودية فيتم حقن جذع النخلة فوق منطقة الاصابة بحوالي 5-10سم بمخلوط من مواد ديسيس ودورسبان بنسبة 2:1 في حوالي 4-8 أنابيب المنيوم تثيت في الجذع ثم يصب 10سم من مخلوط المبيدين السابقين فيه مع معاملة التربة بمبيد فيورادان 10% محبب , حيث يخلط المبيد مع التربة (خربشة) تحت مسقط السعف وذلك قبل الري مباشرة , أما في تبخير الفتحات الموجودة في جذع النخلة وأماكن الإصابة فتستعمل مادة بارادايكلور وبنزين ((بارادوكس)) .

طرق المكافحة التقليدية في الميزان

في ضوء ما سبق يتبين أن الخطر , وان لم تتم السيطرة عليه , لم يستفحل فيقضي على ثروة النخيل قضاء شاملا وذلك راجع الى اتباع طرق المكافحة التقليدية مع حشد الطاقات في هذا السبيل على كل الاصعده الرسمية والشعبية سواء من الحكومات أو المزارعين .

لكن يؤخد على هذه الطرق أمور :

1) أن المصائد الغذائية – وهي احدى الطرق التقليدية في المكافحة - تعجز عن اصطياد العدد الوافر من تلك الحشرة , اذ قليلا ما تقع فيها كما لوحظ ذلك في مواطن الإصابة بمصر .

2) كما أن القضاء على السوسة بقطع النخلة المصابة واحراقها على ما هو متبع الآن أمر بالغ الحرج فهو من ناحية يتطلب عناية فائقة وحذرا شديدا أثناء قطع النخلة المصابة واحراقها كي لا تطير الحشرة الكاملة منها الى نخيل آخر صحيح فتسقمه وتتلفه والا كانت المكافحة ذاتها عاملا من عوامل انتشار الآفة . فضلا عن أن ذلك يؤدي حتما الى الخسارة الاقتصادية للنخلة المصابة التي يمكن الانتفاع بها اذا شفيت من علتها بطريقة مكافحة غير تقليدية .

3) أما المكافحة بالمبيد فتتعرض لما يتعرض له المبيد من تحفظات بسبب المشاكل والاضرار الناجمة عن استخدامها في الوطن العربي , مثل ظهور سلالات من الآفات مقاومة لتأثير المبيدات وظهور اصابات وبائية بالآفات نتيجة القضاء على الاعداء الحيوية وزيادة تعداد آفة معينة بتأثير المعاملة ببعض المبيدات , وتحول بعض الآفات الثانوية الى آفات رئيسية واحداث اضرار بنحل العسل وديدان الحرير والملقحات واحداث سمية نباتية للعوائل المطلوب حمايتها واحداث تدهور في خصوبة التربة بتأثير التلوث بالمبيدات, واحداث تسمم الماشية والدواجن والاسماك والكائنات البرية , فضلا عن الأضرار الصحية للانسان (المنظمة العربية للتنمية الزراعية 1985) .



تحديث طرق المكافحة

أتخذ اسلوب مكافحة الآفات في الآونة الاخيرة إتجاها يعتمد على تخطيط متكامل, وطويل الامد يشار اليه بالادارة المتكاملة للآفات 
(Integrated Pest Management-IPM) حيث تعتمد هذه الادارة على مبادىء ايكولوجية تتكافل فيها طرق وتقنيات متعددة التخصصات لتطوير استراتيجيات ادارة النظام البيئي بحيث تشكل عملية فعالة , واقتصادية , ووقائية تستمر لمدى طويل متضمنة الحفاظ على الصحة العامة والبيئة , باعتبار أن مكافحة الآفات أحد مكونات الادارة الكلية للثروات والموارد الطبيعية , إذ ترمى ادارة الآفات الى تضييق نطاق استعمال المبيدات الكيمائية بما يسمح بفاعلية أكثر للاعداء الحيوية وعدم تلويث البيئة , ومن ثم , تصبح المكافحة البيولوجية واحدا من المكونات الهامة لهذه الإدارة .

ولا تقتصر المكافحة المتكاملة على استخدام الطفيليات والمفترسات والممرضات وكذلك النباتات المقاومة كعوامل بيولوجية بل تشمل أيضا تعقيم الذكور أو المعالجة الوراثية التي تنشد إدخال عوامل مميته أو مهلكة في جمهور الآفة , أو الاعتماد على مؤثرات كيميائية أو فيزيائية كالفيرمونات , والهرمونات والجاذبات , ومضادات التغذية , والموجات الصوتية...الخ مما يؤدي الى هلاك الحشرة , ويشار الى هذا الاتجاه بالمكافحة شبه البيولوجية أو البيوتيكنيكية Parabiological or biotechnical control  والذي اعتبر حاليا امتدادا للمكافحة البيولوجية.

ورغم أن الطريق لا يزال طويلا حتى تستطيع المبيدات الحيوية أن تدخل مباشرة في نطاق التنافس مع المبيدات الكيميائية بغالبية الأسواق , ذلك أن الأخيرة لا تزال أرخص ثمنا وأشد فاعلية الأمر الذي يتطلب تحسينات في النبات المستهدف حقليا , ووسائل تخزين , وسرعة تأثير هذه المبيدات الميكروبية وكذلك الدفع بزيادة الضراوة المرضية لعناصر المكافحة الميكروبية والعمل على رفع انتاجها بتكلفة أقل . رغم ذلك , تتضح أهمية إستخدام المبيدات الحيوية في تكامل مع المبيدات الكيميائية لعدة أسباب أهمها :

أ‌) قد تؤدي دورا فعالا في مكافحة سلالات للحشرات مقاومة للمبيدات .
ب‌) قد تقوض مبكرا ظهور صفة المقاومة في الآفة الحشرية .

ج) إن التفاعلات المنشطة بين المبيدات الكيميائية والميكروبية قد تجعل بالامكان إنقاص معدلات الجرعة من المبيدات الكيمائية .

إن المعلومات الخاصة بتطبيق المكافحة للآفات لا بد من إعدادها واتاحتها للمزارعين والحشريين الاقتصاديين وصانعي القرار في الوطن العربي , إذ يجب أن يعي الجميع بأن بدائل للمبيدات الكيميائية التقليدية , أكثر أمانا , وفاعلية , واقتصاديا , وقابلية للتطبيق تتاح – أو تصبح متاحة – بالسوق التجاري وأن الكثير من عوامل المكافحة الحيوية يمكن أن يستخدم في برامج المكافحة المتكاملة التي تعمل على الاستفادة من طرق المقاومة التشريعية الزراعية والميكانيكية والكيماوية والحيوية معا , كما أن نشر المعلومات الجديدة والنتائج المثمرة للمكافحة الحيوية لا يجب أن ينحصر داخل بلد ما , بل يجب أن تمتد الى سائر الأقطار العربية – التي تتشابه في ظروفها البيئية والمناخية – لتستفيد من الاكتشافات الحديثة وتعمل – إن أمكن – على تطويرها , وان يتضامن المختصون في هذا المجال بكل دولة عربية في تنظيم هيكلي لدراسة مشكلات الآفات وامكانية دفع المكافحة البيولوجية في الإدارة المتكاملة للآفات .
وفي هذا الاطار نعرض نموذجين من عوامل المكافحة الحيوية برزا الى الوجود حديثا في مكافحة سوسة النخيل الهندية الحمراء .
أولا : الفرمون
وهو مادة جاذبة لذكور واناث حشرة سوسة النخيل في أعداد مجمعة (Aggregation) عادة بنسبة انثيين لكل ذكر , ويتم إعداد المصيدة للحشرة باستخدام كبسولة من هذا الفرمون زنة 1 جم للهكتار تستهلك في مدة تتراوح بين 3-4أشهر بمعدل 10ملجم/هكتار/يوم , وقد أعطت هذه الطريقة نتائج طيبة في مناطق الإصابة بالسوسة بالمملكة العربية السعودية حيث تعلق المصيدة في جذع النخلة على ارتفاع 150-180سم وتشتمل المصيدة أيضا على محلول مبيد مثل اللانيت أو السيفين وبه بعض قطع جذوع النخيل ويتم تغيير قطع جذوع النخيل بالمصيدة كل 1-2 اسبوع حسب حالة التعفن , كما تقرأ المصيدة اسبوعيا بجمع الحشرات التي بها وعدها حيث يجذب الفرمون الحشرة ويوقعها في شراك الموت (محلول المبيد) .
ويجب استعمال مصائد الفرومونات بكفاءة , وذلك بوضعها عند مواقع معينة بالبستان حيث تعمل كحواجز تعيق تسرب الإصابات الخفيفة الى المناطق الجديدة, أو تقضي على الآفة في بؤر خارج منطقة تنتشر بها مما يدفع بانقاص المساحة المصابة بالسوسة , كما يجب أن تستعمل هذه الطريقة في إطار برنامج المكافحة المتكاملة حتى لا تنمي الحشرة مقاومة للفرمون إذا استخدم وحده في المكافحة .

وهذه الطريقة مشابهة تماما لاستخدام الفرمون أيضا في مقاومة حشرة سوسة نخيل جوز الهند Rhynchophorus palmarum  لما لها من دور هام في نقل الإصابة بنيماتودا نخيل جوز الهند Rhadinaphelenchus cocophilus التي تسبب مرض الحلقة الحمراء الذي يصيب نخيل جوز الهند حيث تستخدم بمعدل 5-6 مصائد/هكتار .
ثانيا : المبيدات الميكروبية 
وهي مستحضرات لكائنات دقيقة ممرضة تستهدف عند التطبيق مكافحة طبيعية للآفات , وهي تضم مدى واسع من الفيروسات والبكتريا والفطر والبروتوزوا والنماتودا الحشرية , واذا كان علماء الزراعة العرب المهتمين بهذا المجال لا تزال جهودهم لمكافحة سوسة النخيل تخضع لإجتهادات متفاوتة , فان البحوث الخاصة باستخدام نيماتودا الحشرات لمكافحة هذه الآفة (شمس الدين وعبد الجواد 1994) واعدة بنتائج طيبة حيث استطاعت سلالات مصرية من الأنواع النيماتودية H.indicus,Heterorhabditis bacterio-phora,Steinernema sp.
أن تقتل سوسة النخيل في وقت قصير وتتكاثر داخل جسم الحشرة الكاملة لتخرج منه بعد إكمال دورة حياتها بعشرات الآلاف من الافراد النيماتودية التي تترك جثة الحشرة الميتة بحثا عن حشرات اخرى كعائل لها فتقتله . ومعروف من المراجع العلمية أن للنيماتودا التابعة لهذا الجنس القدرة على الحركة في كل الاتجاهات بالتربة , فضلا عن أن عزلات هذه النيماتودا التي استخلصت من التربة المصرية (شمس الدين وعبدالجواد 1995) تتحمل المعيشة في درجة الحموضة ((Ph الموجودة في النخلة المصابة (Ph=5) أو السليمة (pH=7) على حد سواء حيث يتسع نشاط النيماتودا المذكورة لهذه الدرجات بل ويزيد .

والطور اليرقي الثالث لهذه النيماتودا هو الطور الهام المعدي الذي يدخل الى تجويف جسم الحشرة عن طريق فتحاتها الطبيعية كفتحة الفم وفتحة الشرج , وقد يستعمل أسنانه في حالة الجنس هيتروربتيدس لاختراق جسم الحشرة ودخول تجويف جسمها وبعد دخوله يفرز كميات كبيرة من البكتريا التي تعيش معيشة تكافلية مع النيماتودا في جهازها الهضمي , ولا توجد هذه البكتريا في الطبيعة الا مصاحبة للنيماتودا – في السائل الدموي للحشرة – وتتكاثر هذه البكتريا سريعا في دم الحشرة محدثة تسمم دموي (Septicemia) وموت الحشرة العائل في خلال 48-72 ساعة , بعدها تقوم النيماتودا بسحب هذه البكتريا مرة أخرى من خلال تغذية النيماتودا على دم وانسجة الحشرة وتنمو النيماتودا الى الطور الكامل معطية ذكورا واناثا وذلك داخل العائل الحشري , حيث يحدث التزاوج لتعطي يرقات تنمو سريعا الى الطور اليرقي المعدي الذي يهاجر من الحشرة الميتة باحثا عن حشرات جديدة ليهاجمها وهكذا . وقد تكمل النيماتودا أكثر من جيل واحد داخل جسم الحشرة , ويجدر بالذكر أنه في حالة النيماتودا التابعة للجنس هيتروربتيدس فان دورة حياتها متغايرة الخواص (Heterogenic life cycle) حيث ينمو الطور المعدي أولا الى خناث (Hermaphrodites) يطلق عليه الجيل الكامل الأول يضع أفراده بيضا في تجويف جسم الحشرة العائل , غير أن معظم البيض يظل داخل جسم النيماتودا ويفقس البيض الى يرقات تنمو وتنسلخ حتى تصل للطور الكامل أي الجيل الكامل الثاني الذي يتكون من أناث وذكور تتزاوج كما سبق ذكره داخل العائل . وتختلف فترة دورة حياة النيماتودا باختلاف الظروف البيئية والعائل الحشري , وقد أثبتت تجاربنا (شمس دين وعبدالجواد 1995) أنها تتراوح من خمسة أيام حتى عشرة أيام من تاريخ دخول الطور المعدي للحشرة العائل وحتى خروج الطور المعدي التالي من الحشرة الميتة .

ونظرا للحداثة النسبية في التعرف على نيماتودا الحشرات فان أعمال الحصر التي توضح خريطة التوزيع الجغرافي لهذه النيماتودا في العالم العربي لم تكتمل بعد , بيد أنه أمكن اكتشاف واستخراج هذه النيماتودا النافعة من مناطق عديدة بمصر , ومن المفضل تعزيز المكافحة الطبيعية لسوسة النخيل في المناطق إصابتها بالوطن العربي بواسطة سلالات ممرضة من أنواع النيماتودا المذكورة آنفا والتي يحتمل تواجدها طبيعيا (Natural Biocontrol) بهذه المناطق اذا اتجهنا لاستكمال أعمال الحصر الخاصة بمواقع هذه النيماتودا , ويسرع بهذا الاتجاه اليقظة المتزايدة لعدم تلوث البيئة والقلق النابع من مقاومة الآفات الحشرية لبعض المركبات التقليدية .

بيد أن هناك إتجاهات أخرى لاستخدام هذه النيماتودا النافعة في نطاق الإدارة المتكاملة للآفات , منها الإدخال الدائم للمرض المزمع باقامته في جمهور آفة لا يتواجد بها طبيعيا شريطة قدرتها على التكيف مع الوسط الجديد (Applied Biocontrol) , فمثلا نجد أن سلالات نيماتودا الحشرات المصرية أكثر ملائمة للتكيف مع مناطق إصابة سوسة النخيل في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات من تلك السلالات المستوردة من أمريكا وأوربا وذلك للتشابه النسبي بين البيئات (Agroecosystems) في الوطن العربي واختلافها الحاد عن أوربا وأمريكا , كما يمكن الدفع بهذه النيماتودا في الوسط الجديد عن طريق التزايد المكثف للمرض كمبيد حيوي لعدة مرات (Inundative Release) خلال العام, أي دون الاعتماد على ذرية النيماتودا عند المكافحة للسوسة , كذلك يمكن الدفع بتزايد محدود لهذه النيماتودا والاعتماد على ذريتها في المكافحة . وعموما فإن الذي يحدد طريقة المكافحة هو مدى تأثير الظروف المحيطة بالنيماتودا النافعة على كفاءتها في مكافحة الآفة وقدرتها على التكاثر والاستمرار وسط جمهور الآفة , وتشمل هذه الظروف حرارة ورطوبة الوسط الموجود به وكذلك العمليات الزراعية الخاصة بالنخيل وسلوك وبيولوجية الأفة .

ويتم حقن النخيل بمحلول هذه النيماتودا من خلال ثقوب ذلك النخيل الذي أحدثته السوسة به اذا كانت تسمح بنفاذ المحلول , وإلا ثقبنا بمثقب معدني خاص ينفذ منه محلول النيماتودا الى النخلة بحقنها به , وهكذا تتم المواجهة بين أفراد الحشرة والنيماتودا التي تتطفل عليها وتقتلها .

على أن العلاج بهذه الطريقة الحديثة شىء من صميم تكنولوجيا العصر , سبقتنا شركات كبرى في الدول الصناعية المتقدمة في أوربا وأمريكا الى استثماره وطرحه في الاسواق تجاريا مع العمل المستمر على تحسين تكنولوجيا مستحضرات تلك المبيدات النيماتودية للدفع بزيادة بقائيتها وتحملها للظروف البيئية الضاغطة من حرارة وجفاف وتعرض لأشعة الشمس , وهذه المستحضرات قائمة على سلالات أجنبية – من نفس أجناس وأنواع النيماتودا العربية المنشأ – وهم يحاولون تصديرها لمنطقتنا العربية فضلا عن إستخدامها في مكافحة الآفات الحشرية التي توجد في بيئتهم المختلفة عن بيئتنا والتي إن اثبتت فعالية في مكافحة آفات بلادهم لا يعني هذا بالضرورة أنها تثبت نفس الفعالية في الدول العربية , لاختلاف البيئات الذي يترتب عليه إختلاف الحشرات واختلاف اعدائها الحيوية في الخصائص والتكوين والفعالية .

وهناك عدة عوامل تشجع على أن تأخذ هذه الأنواع النيماتودية محلية المنشأ طريقها الى السوق التجاري , منها أنها فعالة في مقاومة العديد من الآفات الحشرية في وطننا العربي مثل دودة ورق القطن والدودة القارضة وذبابة الفاكهة وحفار ساق العنب , كما أنه من السهل اكثارها بكميات تجارية كبيرة (Mass Production) وكذلك لإمكانية تغليفها في عبوات تجارية قابلة للتخزين لفترات محددة فضلا عن عدم وجود أية آثار جانبية على البيئة حال إستخدامها في أعمال المكافحة الحيوية للآفات الحشرية بالجرعات الموصى بها , وأن هذه الأجناس النيماتودية معفاة من هيئة حماية البيئة الامريكية (EPA) .

المصدر الزراعة والتنمية في الوطن العربي/المنظمة العربية للتنمية الزراعية /العدد الثاني /1996



تعليقات

  1. شركة مكافحة بق بالرياض
    اذا كنت تعانى من البق و الصراصير و النمل الابيض و الفئران فيجب عليك الاستعانة بافضل شركة تكون متخصصة فى مكافحة حشرات و نحن شركة مكافحة بق بالرياض لدينا افضل العمالة المدربة على استخدام اقوى المبيدات التى تعمل على ابادة كافة الحشرات و يتم مكافحة فئران بالرياض ,مكافحة ثعابين,مكافحة النمل الابيض,مكافحة بق
    شركة مكافحة فئران بالرياض

    اتصل بنا على 0537006883

    http://www.hvofny.com/%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%AD%D8%A9-%D8%AD%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6/

    ردحذف
  2. شركة رش مبيدات بمكة
    شركة رش مبيدات بمكة صقر البشاير افضل شركة متخصصة فى رش مبيدات بمكة و مكافحة حشرات بمكة حيث تقوم شركة مكافحة حشرات بمكة بخدمة مكافحة بق بمكة ,مكافحة النمل الابيض بمكة ,مكافحة صراصير بمكة
    مكافحة حشرات بمكة

    اتصل بنا على0500941566
    http://www.elbshayr.com/3/Pest-control

    ردحذف

إرسال تعليق