التحليل الجغرافي لتملح التربة كمظهر من مظاهر التصحر في قضاء الخضر


التحليل الجغرافي لتملح التربة كمظهر من مظاهر التصحر في قضاء الخضر 
                                                                                            م . م نجاح عبد جابر 



المقدمة : 
تتعدد حالات التصحر وتتنوع درجة خطورته من منطقة إلى أخرى تبعا لاختلاف نوعية العلاقة بين البيئة الطبيعية من ناحية وأسلوب استخدام الإنسان لمواردها من ناحية ثانية  ، وتتبلور عملية التصحر في جملة ظواهر أو مؤشرات تتخذ كمعيار لتحديد حالة التصحر ودرجة خطورته ،، وقد حدد مؤتمر الأمم المتحدة الذي عقد في نيروبي  عام 1977 تم تحديد أربع درجات للتصحر (عبد الرحمن السعدني وآخر :ص174 ) هي :ـ 
1- تصحر خفيف : Slight Desertification  
ويؤشر له بحدوث تلف أو تدمير طفيف جدا في  الغطاء النباتي والتربة بما لا يؤثر بشكل واضح على القدرة الحيوية للبيئة .
2- تصحر معتدل : Moderate Desertification  
ويؤشر له بحدوث تلف أو تدمير بدرجة متوسطة للغطاء النباتي وتكوين كثبان رملية صغيرة أو أخاديد صغيرة وتكوين بعض النتوءات ، هذا بالإضافة إلى تملح واضح للتربة بما يقلل من عائد الإنتاج بنسب تتراوح مابين ( 10 ـ 50 %).
3- تصحر شديد : Severe Desertification  
 ويؤشر له بانتشار الحشائش  والشجيرات غير المستحبة على حساب الأنواع المرغوبة والمستحبة ، كذلك بزيادة نشاط التعرية . يؤدي إلى تجريد الأرض من غطائها النباتي ، وتكوين الأخاديد الكبيرة، هذا بالإضافة إلى تملح التربة بما يقلل  عائد الإنتاج بنسبة تزيد عن 50%.
4- تصحر شديد جدا : Very Severe Desertification   
    يؤشر له بتكوين كثبان رملية كبيرة وتكوين العديد من الأخاديد أو الأودية العميقة والكبيرة . هذا بالإضافة إلى وجود درجة عالية من التملح تفقد التربة قدرتها الإنتاجية ، وتعد هذه الحالة من اخطر حالات التصحر، ويصبح استصلاحها واستعادة قدرتها الحيوية مرة ثانية عملية صعبة ، وكثيراً ما تكون غير اقتصادية بالمرة ، وهذا ما يؤكد أهمية ضرورة مكافحة التصحر في مدة قبل إن يستفحل .
  إن الاستعراض التاريخي لمشكلة الملوحة والأراضي الملحية في أرض الرافدين يشير إلى أنها ليست بظاهرة وليدة اليوم وإنما ظاهرة رافقت الزراعة الأروائية  في السهل الرسوبي منذ القدم ، إن أول إشارة لمشكلة الملوحة عثر عليها في جيرسو 2400 – 1700 ق م وعدت هذه المرحلة المبكرة لانتشار الأراضي الملحية في جنوب العراق(1) ، وكان له الأثر السلبي على الزراعة في هذا الجزء من العراق ، فمثلا كان إنتاج القمح في المدة 2400 ق م قرابة 2537 لتر / هكتار() ثم أخذت مساحته وإنتاجه بالتقلص إذ أصبحت المساحة المزروعة بالقمح لا تشكل سوى 2% للمدة 2100 ق م كما هبط إنتاجه إلى 897 لتر / هكتار للمدة 1700 ق م(2) ، والمرحلة الثانية لانتشار الأراضي الملحية كان في المدة 900 – 300 ق م حيث انتشرت الملوحة في أراضي وسط العراق إلا أنها كانت أقل خطورة ، يعتقد معظم الباحثين إن مشكلة الملوحة في وسط وجنوب العراق قد ظهرت بعد استخدام الري كأسلوب لتقديم المياه للمحاصيل الزراعية وقد زادت بشكل واسع بعد إدخال تكنولوجيا الري بشكل واسع كتقنية جديدة في الزراعة خلال النصف الأول من هذا القرن وخلال سنوات الاستثمار الزراعي ولمدة طويلة تفاقمت معها مشكلة تملح وتدهور التربة في قضاء الخضر وتحول غالبية أراضيه إلى أراض غير ملائمة للاستثمار الزراعي . 
   يهدف البحث إلى تحديد الأراضي المتأثرة بمشكلة الملوحة في قضاء الخضر ، والوقوف على الضوابط الجغرافية المسببة لها فضلا عن توضيح بعض تأثيراتها السلبية واقتراح السبل الكفيلة للحد منها . 
   أما منطقة البحث  فتتمثل منطقة البحث بقضاء الخضر أحد أقضية محافظة المثنى يأخذ موقع مكاني التي تقع على بعد ( 32 ) كم عن مدينة السماوة من جهة الجنوب ( غرب قضاء الخضر ) ، استحدثت كقضاء بموجب المرسوم الجمهوري المرقم ( 11 في سنة 1971 )عندما كانت قرية صغيرة ثم ناحية تابعة إدارياً لقضاء السماوة عام 1921 . يحدها من جهة الشمال الغربي الحدود الإدارية لمحافظة القادسية ومن الشمال الشرقي والشرق الحدود الإدارية لمحافظة ذي قار ومن جهة الجنوب قضاء السلمان ، خريطة رقم ( 1 ) ، تبلغ مساحة قضاء الخضر( 3 ) ( 1667  كم2) تمثل ( 3,2% ) من مساحة محافظة المثنى موزعة إدارياً على ناحيتين هما مركز قضاء الخضر بمساحة ( 1260 ) كم2 تمثل ( 75,6% ) من مسـاحة القضاء وناحية الدراجي بمساحـة ( 407 ) كم2 تمثل ( 24,4% ) من مساحة القضاء .   
    أما الموقع الفلكي لقضاء الخضر ، يقع بين دائرتي عرض (-30,50   ـ  -31,39 ) شمالاً وخطي طول ( -45,52 ـ -45,37 ) ، خريطة رقم ( 2 ) . 

خريطة رقم ( 1 )
موقع قضاء الخضر من محافظة المثنى





1 ـ العوامل الطبيعية المؤثرة على مشكلة الملوحة في قضاء الخضر :   
أولاً / السطح :
   يتسم سطح قضاء الخضر بسمة الانبساط كونه جزء من منطقة السهل الفيضي العراقي ، وخلوه من التضرس مع انحدار بسيط من الجنوب الشرقي حيث خط الكنتور ( 20 م ) باتجاه الشمال الغربي حيث خط الكنتور ( 15 م ) ، خريطة ، رقم ( 3 ) ، وبمعدل انحدار يبلغ ( 0,02 م / كم )(4) ، يخترق نهر الفرات الرئيس منطقة الدراسة من وسطها مكوناً كتوف الأنهار الطبيعية على ضفتي النهر الشرقية والغربية ، على شكل تلال واطئة شديدة الانحدار نحو النهر وقليلة الانحدار بعيدة عنه( 5 ) ، وقد بلغ ارتفاعها ( 1,5 ـ 2 ) م عن مستوى الأراضي المجاورة لها التي تعرف بأحواض الأنهار .  
     في حـين يظهر تحول بسيط في أجزائها الشمالية و الشمـالية الغربية والشرقية المتاخـمة لحـدود محافظتي الديوانية والناصرية ، كمظهر من مظاهر السطح متمثل بالكثبان الرملية ، وتظهر في الأجزاء الجنوبية الشرقية أراضي المنخفضات المملوءة بمياه المستنقعات ، لاسيما مقاطعة ( 23 ) عين صيد  ومقاطعة ( 59 ) الجرع ، بفعل تصريف نهر القادسية . 
ثانياً / عناصر  المناخ :
1 ـ الإشعاع الشمسي : 
   يتضح عند تحليل بيانات جدول رقم ( 1 ) زيادة عدد ساعات السطوع الشمسي الفعلية في منطقة الدراسة بشكل عام مع تغير واضح في معدلاتها ما بين أشهر الصيف الذي يبدأ من شهر أيار إلى شهر تشرين الأول وأشهر الشتاء الذي يبدأ من شهر تشرين الثاني إلى شهر نيسان . 
     إذ ترتفع معدلاتها خلال شهر حزيران وتموز وآب بمعدل ( 11،6 – 12،3 – 11،2 ) ساعة / يوم على الترتيب وبزاوية أقرب إلى العمودية ، علماً إن عدد ساعات السطوع الشمس الفعلية لفصل الصيف ( 10،7 ) ساعة / يوم . مما يزيد من ارتفاع درجات الحرارة ثم ارتفاع قيم التبخر مما يزيد من فقدان الضائعات المائية اللازمة للمحاصيل الزراعية فضلا عن ترسيب الأملاح على سطح التربة ونشاط الخاصية الشعرية ، في حين ينعكس الحال في فصل الشتاء إذ تنخفض ساعات السطوع الشمسي لشهر تشرين الثاني و كانون الأول وكانون الثاني لتبلغ ( 7،5 –6،5 – 6،7 ) ساعة / يوم على التوالي مما يقلل من نسبة التبخر .  

 2 ـ درجة الحرارة :
   تسجل أعلى معدلات درجة الحرارة في منطقة الدراسة خلال أشهر حزيران وتموز وآب ( 34،4 ـ 36،3 ـ 35،6 ) م لكل منها على الترتيب في حين تسجل أخفض معدلات درجات الحرارة في أشهر كانون الأول وكانون الثاني وشباط بمعدلات ( 12،8 ـ 11 ـ 13،5 )م على التوالي ، جدول رقم ( 1 ) ، في حين يبلغ متوسط المدى الحراري الشهـري ( 24،6 ) م ، وهذا يبين على وجود تباين فصلي كبير بين الصيف والشتاء مما أثر في تباين زراعة وإنتاج المحاصيل الزراعية في قضاء الخضر بين الفصلين 




3 ـ الرياح :
     من خلال جدول رقم ( 2 ) يتضح أن المعدل السنوي لسرعة الرياح يكون منخفض إذ يبلغ ( 2،2 ) م / ثـا إلا أن هذه الرياح تزداد سرعتها خلال أشهر الصيف أيار وحزيران وتموز لتصل ( 2،5 ـ 2،5 ـ 2،6 ) م / ثـا على التوالي . في حين تنخفض شدة سرعة الرياح في الشتاء إذ يصل أدنى معدل لها في شهر تشرين الثاني ( 1،7 ) م / ثـا .
    ويتضح مما تقدم هناك علاقة طردية بين سرعة الرياح وزيادة عملية التبخر / النتح على المحاصيل الزراعية في قضاء الخضر لا سيما المحاصيل الصيفية مما يتطلب زيادة عدد الريات التي تتطلبها المحاصيل الزراعية ،علماً أن الرياح السائدة في منطقة الدراسة هي الرياح الشمالية الغربية . 




4 ـ الرطوبة النسبية :
          بلغ أعلى معدل للرطـوبة النسبية في منطقة الدراسة خلال أشهر الشتاء ، خاصة في شهـر كانون الثـاني إذ سجـل ( 67% ) ، في حين تنخفض قيم الرطوبة النسبية في فصل الصيف و يسجل شهر تموز أوطأ معدلاتها بنسبـة ( 20 % ) ،جدول رقم ( 3 ) بسبب ارتفاع درجات الحرارة مما يزيد من سرعة فقدان المياه نتيجة التبخر والنتح مما يرفع عملية الري السطحي لسد النقص في ري المحاصيل الزراعية عن كمية الرطوبة الجوية في قضاء الخضر ، مما يعني إضافة كميات كبيرة من الأملاح أثناء الري .  
5 ـ التساقط المطري :  
        يبدأ هطول الأمطار في المنطقة  بوضوح بداية شهر تشرين الثاني حتى شهر أيار ، جدول رقم ( 3 ) علماً أن أعلى كمية للأمطار تتركز في شهر كانون الثاني تصل ( 23،5 ) ملم في حين تبدأ بالانخفاض لتنعدم في شهري تموز وآب ،علماً أن كمية التساقط المطري البالغة ( 99،1 ) ملم سنوياً ، حيث تؤثر سلبا في زيادة مشكلة الملوحة في قضاء الخضر ، نتيجة لارتفاع معدلات التبخر في المنطقة البالغة ( 3311،9 ) ملم سنوي ، يتضح من خلال المقارنة بين معدلات التساقط والتبخر لمحطة السماوة المناخية ، إذ كان مجموع الإمطار السنوي (99.1ملم ) ومجموع التبخر (3311.9 ملم ) ومن خلال ذلك يتضح مقدار العجز المائي الناتج من ارتفاع معدلات التبخر مقارنة مع معدلات التساقط السنوية ، إذ يبلغ مقدار هذا العجز في المنطقة حوالي (  -3212.6 ملم ) ، حيث يؤثر في النهاية بزيادة الخاصية الشعرية CAPILLARY ACTION .  



ثالثاً / التربة :      
  تعد الترب من العوامل الأرضية المهمة في تباين المحاصيل الزراعية وكفاءتها الإنتاجية( 7 ) ، وذلك نتيجة لتعدد أصناف الترب واختلافها عن بعضها في تراكيبها ومراحل تطورها وطبيعة العوامل المحيطة بها والمؤثرة في تكوينها ، لاسيما نسب الملوحة فيها . يمكن تحديد الأقسام الرئيسة للترب في قضاء الخضر بالآتي : 
1 ـ تربة كتوف الأنهار :
    تتوزع على شكل أشرطة تمتد على ضفاف نهر الفرات في قضاء الخضر والروافد الآخذة مـنه مثـل قناة الصـافي ونهـر المذبوحة تكونت هذه التربة بفـعل تكرار ميـاه نهر الـفرات ، تمـتاز بارتفاعها عن الأراضي المجاورة لـها بارتفاع يصـل ( 2 ـ 3م )( 8 ) ، وهي ذات تصريف طبيعي للمياه الأمر الذي جعلها أجود أنواع التربة الصالحة لاستثمار الأرض الزراعية لغناها بالمواد العضوية وخصوبتها العالية .  
2 ـ تربة أحواض الأنهار :          
     تشمل هذه التربة نطاق التربة المجاور للنوع الأول ، ذات نسجه ناعمة ، وقد تكونت من تجمع الترسبات الناعمة التي نقلتها مياه الفيضانات بعيدا عن مجاري الأنهار فهي ذات تكوينات متماسكة ، وتمتاز بنسجه خفيفة وناعمة من الطين والغرين ، تراوحت نسبة الطين في تراكيبها ما بين ( 50 – 70 %  ) ، ونتيجة لذلك تكون رديئة الصرف أحيانا ومشبعة بالماء water logged  ، ونسجتها ضعيفة ، تزداد نسبة الأملاح فيها( 9 ) . 
3 ـ تربة الأهوار والمستنقعات المغمورة بالغرين : 
    يمثل هذا الصنف من التربة في القضاء الأراضي المغمورة بالمياه لا سيما أراضي هور صليبات التي تنتهي إليه مياه نهر القادسية في جنوب شرق القضاء ، تتصف هذه الترب باستواء سطحها وانخفاض مستواها عن مستوى الأراضي المجاورة، ولهذا فهي كانت ولا تزال تستخدم كمناطق لتصريف المياه الفائضة ، كما تتصف بأنها ذات نسيج طيني يصلح لزراعة المحاصيل التي تتلاءم وفق ذلك وفي مقدمتها الرز ، فضلا عن ذلك فإنها تتكون من تربة رملية ناعمة ونسبة كبيرة من الطين والغرين ، واحتوائها على نسبة قليلة جدا من المواد العضوية المتحللة . ويتضح من خلال جدول رقم ( 4 ) أن معد ملوحة التربة لكتوف الأنهار وعلى جانبي نهر الفرات في منطقة البحث وللعمقين (0 – 30 ) و ( 31 – 60 ) بلغت ( 8،7 ) ديسمنز / م لذا فهي تعد من الترب ذات الملوحة العالية وفق تصنيف مختبر الملوحة الأمريكي ( USDA ) عام 1954 أما في ما يتعلق بترب أحواض الأنهار يتضح أن قيمة التوصيل الكهربائي كمعدل للعمقين أعلاه ( 15،4 )  ديسمنز / م  و وفق تصنيف مختبر الملوحة الأمريكي فأنها تعد عالية الملوحة وذلك لأسباب أهمها انخفاض مستوى التربة وقربها من الماء الجوفي وتأثرها بالخاصية الشعرية فضلا عن النسجة الناعمة ورداءة التصريف . 
   


المصدر : مهند حسن رهيف الكعبي ، مشكلة التصحر في محافظة المثنى وبعض تأثيراتها البيئية ، رسالة ماجستير ، غير منشورة ، كلية التربية ، جامعة البصرة ، 2008 ، ص123 . 

رابعاً / الموارد المائية :       
      نظرا لوقوع منطقة الدراسة ضمن المناخ الصحراوي الجاف وقلة هطول الأمطار ، الأمر الذي حتم استخدام المياه السطحية بشكل رئيس في عملية الري الزراعي ، فضلاً عن اعتماد المياه الجوفية كخزين متاح يمكن استخدامه عند نقص مناسيب المياه حيث يتراوح مستوى الماء الجوفي ( 3 م ) في منطقة السهل الفيضي . 
  يعد نهر الفرات عد دخوله قضاء الخضر قادما من مدينة السماوة من التقاء نهري السبل والعطشان اللذان يلتقيان شمال مدينة السماوة بمسافة ( 4 كم ) المصدر الرئيس في عملية الري وبعد دخوله قضاء الخضر يتفرع من ضفته اليسرى قناة أو نهر الصافي نهر ليتجه نحو الشمال الشرقي بطول ( 16 كم ) وطاقة تصريفية تبلغ ( 6 م / ثا ) ، يروي مساحة زراعية تبلغ ( 30000 ) دونم . 
    أما نهر القادسية ، والذي يعرف بشط العطشان سابقاً ، يتفرع من شط الخسف المندرس والذي يأخذ مياهه من الجانب الأيمن لنهر الفرات خارج الحدود الإدارية لقضاء الخضر ، بطول ( 65 كم ) وطاقة تصريفية تبلغ ( 250 م3/ ثـا) وعرض قعره ( 65 م )( 10 ) ، كان الغرض الأساس منه درأ خطر فيضان نهر الفرات عن مدينة السماوة والخضر وسوق الشيوخ عن طريق منخفض الصليبات فضلاً عن حماية الخط الستراتيجي والأراضي الزراعية من تسرب المياه أليها.  
      في حين يتراوح عمق المياه الجوفية بين (1.5-2.5)م ، عن مستوى سطح الأرض، وبسبب تعاظم درجات الحرارة، وسرعة الرياح صيفا ونشاط الخاصية الشعرية ، تترك أملاحاً على سطح التربة ( محمد إبراهيم ، ص49 ) ، وتعد غير صالحة للاستعمال البشري والزراعي لاحتوائها على أملاح كربونات الصوديوم (NaCo3) ، وايونات الكلور(Cl) ، وسلفات الصوديوم (NaSo4) ، والنترات (No3) ، إذ يبلغ مجموع ايونات الأملاح الذائبة في المياه الجوفية إلى أكثر من (50)غراماً في اللتر الواحد، وتزداد تلك الأملاح في منطقة السهل الرسوبي، ويصل معدلها في اللتر الواحد إلى (40) غراماً، أو أكثر من ذلك بما فيها منطقة الدراسة ، (محمد إبراهيم ، ص49 ) . 

2 -  العوامل البشرية المؤثرة في مشكلة الملوحة في قضاء الخضر  : 
 1 - قلة المبازل ورداءتها : 
   تعد عملية البزل مكملة لعملية الري في المناطق الجافة وشبه الجافة ومنها منطقة البحث لغرض التخلص من المياه الزائدة عن حاجة المحصول والتربة ، وتفتقر منطقة البحث إلى شبكة متكاملة من المبازل الحقلية والفرعية والرئيسة مما يدفع المزارعين إلى تحويل المياه الزائدة إلى الأراضي المجاورة المتروكة والمنخفضة كالأراضي التي تصب فيه مبازل الرز، ومنها مبزل الشامية مما ينجم عنها تجمع المياه المالحة على سطحها فضلا عن ارتفاع نسبة الأملاح في نهر الفرات  نتيجة ذلك إلى مروره بأراض مالحة، مما يجعل مياهه أكثر ملوحة، فضلا عن ذلك وفي كلا الأمرين تزداد ملوحة التربة .  

2 – الإفراط في الري :  
      يعمد الفلاح في منطقة البحث على ري حقله بكميات كبيرة معتقد معتقدا أن ذلك يقلل من ملوحة التربة ومن ثم يزيد الإنتاج . ويعد الأمر منطقي لو توفر نظام صرف متكامل لتصريف المياه الزائدة ، كما يؤدي الإفراط  في الري إلى أرباك عملية التقنين المائي للأراضي الزراعية ، (داود الربيعي ، ظاهرة الملوحة في القسم الجنوبي من السهل الرسوبي ،ص55) ، كما ينتج عنه فقدان كميات كبيرة من مياه الري والتي تعد من الثروات المهمة . فضلا عن ذلك إتباع الفلاح طرائق ري تقليدية تتميز بكثرة الفاقد المائي فيها ، كما إن شبكة القنوات قد أنشئت في مراحل زمنية متباينة ، تتميز بكثرة تعرجاتها والتواءاتها وتباين امتداداتها تبعا لتباين أحجام الملكيات ومساحات الأراضي المستغلة . كما تعاني من مشكلة الترسبات السفلى من القنوات وتظهر خسارة في مياه الري بسبب عدم تعديل الأرض وتسويتها دون المستوى المطلوب كما نلاحظ في . 
     إن الإفراط في الري في ضل العوامل الطبيعية التي أشير إليها وفي ضل ندرة المبازل ساعد على ترب المنطقة من خلال تراكم الأملاح بعد تبخر المياه من على سطح التربة .  
3 – نظام الزراعة المتبع : 
     نظرا لقلة تصريف مياه نهر الفرات صيفا قياسا لفصل الشتاء فضلا عن انعدام هطول الأمطار الذي أثر على المساحة المزروعة صيفا وهذا يعني ترك مساحة واسعة من الأراضي المتروكة بورا ، إذ إن هبوط معدلات تصريف المضخات ينجم عنه تقليص المساحات المستثمرة، واقتصارها في بعض المناطق على كتوف الأنهار ، هذا ما نلاحظه عن المساحة المستثمرة التي لا تتجاوز (49443) ألف دونماً من أصل (272.341)  دونماً .    


تأثيرات ملوحة التربة :  
  يمكن أجمال تلك التأثيرات بما يأتي :  
1 – زيادة الشد الأزموزي أو التنافذي ، مما يسبب عنه قلة جاهزية الماء للنبات وتبلغ قيمة الشد الإضافي على ماء التربة (  EC   0،36 ) ، والتي تتناسب طرديا مع زيادة الأملاح تؤدي إلى تقزم النبات وتأخر نموه وهلاكه في النهاية . 
2 – التأثير السمي لبعض عناصر الأملاح بصورة خاصة الصوديوم والكلوريد والبورون ، وتسبب حروقا وتساقط الأوراق ويمن أن تؤدي إلى نهاية المحصول .  
3 – منافسة بعض الأيونات للعناصر الغذائية في التربة من خلال الدخول إلى جسم النبات . 
4 – رداءة بناء التربة نتيجة ارتفاع نسبة الصوديوم المتبادل لاسيما في منطقة الأحواض حيث بلغ 10،61% إذ يؤدي ذلك إلى تفريق مجاميع التربة وانتشار دقائقها مما ينجم عنه قلة حركة الماء والهواء وغالبا ما تكون قشرة صلبة على سطح التربة . 

الحلول المقترحة :  
1 – إنشاء المبازل الحقلية من قبل مزارعي المنطقة وربطها بالمبازل الثانوية والمجمعة وفي النهاية إلى مبزل رئيس أو بحيرة تبخيرية . 
2 – العمل على تحسين خواص التربة من خلال الحراثة العميقة و إضافة الرمل والمواد العضوية . 
3 – تخفيض كمية الأملاح والصوديوم المتبادل من التربة بواسطة عملية الغسل . 
4 – استنباط محاصيل تتحمل الملوحة وتقاوم ظروف الجفاف  . 
5 – إتباع طريقة الري الملائمة ومراعاة الاحتياجات المائية للمحاصيل الزراعية .      
6 – تجنب طريق التبوير واعتماد الدورة الزراعية الثلاثية والرباعية وحسب درجة تملح التربة .   


تعليقات